تأملت قوله تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [سورة اﻷنبياء: 35].
وقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [سورة الفرقان:20]
فرأيت أن هاتين اﻵيتين تشيران إلى الحكمة من اﻹيمان بالقدر خيره وشره،
وهي اختبار يمتحن الله تعالى به عباده؛ هل يستسلمون لحكمه؟ - وهو الحكم العدل -
وهل يصبرون على أقداره المؤلمة: من الموت، والمرض،
والفقر، وغير ذلك من المصائب والشدائد؟
وهل يشكرون الله تعالى على ما تفضل عليهم من أقدار الخير:
من الحياة، والصحة، والغنى، وكل أصناف النعم.
ولهذا كان الاختبار بالإيمان بالقدر خيره وشره من أشد اﻷمور على النفس،
وأكثرها صعوبة في قبولها والرضا بها!
وصدق الله القائل:
﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة: 216].
والمؤمن الصادق في كل أموره مأجور، وصدق رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم القائل:
((عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ
إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا له)). رواه مسلم.