لا تحفظي القرآن بلـــــ... [ اجعلي القرآن يحفظك ]
معنـاهـا لا تحفظي آيات القرآن و كلماته و ترددينها دون حضور قلبك مع تسميعك ولا تحفظيها عن ظهر غيب دون أن تطبقي ما ورد فيها ولا تحفظيها و أنت مذنبة عاصية فتحفظينه بعقل غير واع و جوارح عاصية لاهية
إن الأهم أن تجعلي هذا الكتاب يحفظ جوارحك عن المحرمات
فقبل أن تحفظي آياته في صدرك اجعلي آياته تحفظ جوارحك و تكون حجاباً لها عن الوقوع في المحرمات؛
فمن لم تحفظ منه أجزاء و كانت مطيعة مطبقة لما فيه أفضل و أعظم درجة ممن حفظت كل أجزائه و غفلت عن معانيها و لم تعمل بها
قال تعالى :{ فَاستَمسِك بِالذِي أوحِي إِلَيكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُستَقِيـــمٍ }( سورة الزخرف : 43 )
إن من أوجب الواجبات على المؤمن و أعظم الحقوق لهذا القرآن هوالعمل بمقتضــاه و تطبيق أوامر الله و تجنب نواهيه الواردة في آياته
لأننا لو علمنا حق العلم الهدف من هذا الكتاب الكريم و هذا الكلام العظيم لأيقنا أنه ما أنزل إلا لـ نتدبر و نعمل
{ كِتَـــابٌ أَنزَلنَـــاهُ إِلَيكَ مُبَــــارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَـــاتِهِ وَ لِيَتذَّكَّرَ أُولُوا الأَلبَابِ }( سورة ص : 29 )
فالغاية الأساسية من القرآن هو العمل بما فيه فهو ليس كتاباً للقراءة و الحفظ في الصدر فقط مع ما في تلاوته من نور و هداية إلا أن العمل به هي ثمرة نزوله قال تعالى :{ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }( سورة الأنعام : 155 )
قوله تعالى في الآية نفسها كما ورد في موقع طريق القرآن :{ واتقوا } أي :احذروا الله في أنفسكم أن تضيِّعوا العمل بما فيه ،و تتعدوا حدوده وتستحلوا محارمه قال تعالى :{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ }( سورة البقرة : 121 )
قال عطاء و مجاهد في معنى الآية :يعملون به حق عمله وفي قوله تعالى : { حق تلاوته } مبالغة في صفة أتباعهم ،و لزومهم العمل به .
و قوله تعالى :{ وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ }( سورة البقرة : 78 )
قيل في تفسيرها : إلا تلاوة فلم يعلموا ما فيه ، ولم يعملوا بما فيه قال الفضيل : إنما نزل القرآن ليُعمل به ، فاتخذ الناس تلاوته عملا ً
وفي " صحيح مسلم " أيضاً أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن :( القرآن حجة لك أو عليك )
أي: إن الانتفاع بالقرآن الكريم إنما يحصل إذا تمت تلاوته والعمل بما فيه أما إذا لم يكن الأمر كذلك فهو حجة على قارئه يوم القيامة
من هنا نتفق على أن حفظ القرآن لكِ أهم من حفظكِ له وإنما حفظ القرآن لكِ يكون بتطبيقكِ أنتِ لأوامر الله فيه و العمل بمقتضى شرع الله فيه
و العمل بالقرآن ينقسم إلى قسمين
1- عمل قلبي
2- عمل الجوارح
أماالعمل القلبي فيكون :بإخلاص تلاوته وحفظه له و بالخشية من الله عند التلاوة وتعظيم كلام الله و الخوف من عقابه و رجاء ثوابه فالقرآن غذاء روحي و دواء قلبي يشفي القلوب و يسمو بالأرواح و يكفينا في ذلك قول الله تعالى :{ أَلَا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ }.
أما عمل الجوارح فيشمل الأعمال الظاهرة من الأقوال و الأفعال و تطبيق أوامر الله الفعلية فيه كإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة والتحلي بالصدق وألا يسمع بأذنيه إلا ما يرضاه الله ولا يقول بلسانه إلا ما يرضاه الله ولايخطو بقدمه إلا لما يرضاه الله ولا يبطش بيده إلا لما فيه طاعة لله و يتجنب كل ما نهى الله عنه من الأعمال و الأقوال من الشرك الربا و شرب الخمر و الزنا و الفواحش و الكذب و الغيبة وكل تلك الأعمال و الأقوال و الأخلاق ذكرتها على سبيل التمثيل لا الحصر إن مما يُحزِن القلب حال بعض أخواتنا حافظات كتاب الله فقد عاصرت كثيرات منهن هداهن الله قد ختمت المصحف كاملاً و حفظته في صدرها ولكنها لم تحفظ به جوارحها فاستهانت بحدوده و ارتكبت ما وجب عليها تركه و كثيــرات حالهن كذلك نسأل الله الهداية و السلامة.
فيا : حافظة القرآن خصوصًا و قارئته عمومًا
اقرئي القرآن بـ أذن واعية و قلب حاضر و عقل متفتح وإذا سمعتِ { يَأَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا } فأصغي لخطاب الله فيها ثم طبقي ما أمر الله و تجنبي ما نهى الله عنه قفي عند حدوده و اعملي بواجباته و إياكِ أن ترتكبي ما نهى الله عنه فيه حتى تحصلي على الحجاب الذي يحفظكِ القرآن به ثم بعد أن تحققي ذلك الحجاب ابدئي بحفظ القرآن في صدرك لـ تنالي حفظ القرآن لكِ و حفظكِ له
( اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبناو نور صدورنا و جلاء أحزاننا و ذهاب همومنا و غمومنا ودليـــلنا وهادينا إليك وإلى جنــــــاتك..