فاطمة المزروعي
لن تخطئ العين كل هذا الحراك الثقافي الذي تشهده بلادنا ، لعل أبرز وأهم علامات هذا التفاعل الثقافي ونشاط الساحة الثقافية تتمثل في جانبين على قدر كبير من الأهمية، الأول هو تزايد دور النشر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، قابل هذا التزايد تنامٍ ملحوظ في أعداد المؤلفات والمؤلفين الإماراتيين الذين يقتحمون ساحة الأدب عن سبق من الإصرار والترصد – كما يقال -.
ونعلم جميعاً أو على الأقل يعلم كل متابع للحركة الكتابية والتأليف والنشر، أنها في بعض جوانبها غير سليمة أو يعتريها بعض الخلل إذا صح التعبير، ومرة أخرى لعل أهم علامات هذا الخلل تتمثل في ضعف الإنتاج الأدبي، سواء الرواية أو القصة أو غيرهما من الفنون والأجناس الأدبية المختلفة، يقابل هذا التواضع تقبل وترحيب من دور النشر بكل منجز أدبي بغض النظر عن كونه غثاً أو سميناً وبالتالي نشره والاحتفاء به.
الغريب في الأمر أن هذا التوجه من دور النشر غير فاحص وغير مقوم للمنجزات التي تتبناها هذه الدور، بل إنها تقوم بنشرها كما هي دون أي تعديل، لدرجة أنك تصدم بأعمال لم يتم تصحيحها لغوياً على أقل تقدير.
سألت أحد أصحاب دور النشر الجديدة عن سبب نشره لكل عمل يصله، فأبلغني بأنها ضريبة تدفعها أي دار نشر جديدة، حيث تقدم تنازلات في نشر وطبع بعض الكتب الركيكة المتواضعة، خصوصاً أن المشاركة في معارض الكتب يوجد عليها اشتراطات، منها تحديد عدد الكتب التي أصدرتها دار النشر التي ترغب بالمشاركة في المعرض وتقديم أعمالها للجمهور. ليس هذا وحسب، بل هناك معضلة أخرى أخشى أنها منتشرة تتعلق برفض أي نقد حتى لو كان عابراً لمنجزها. وهذا بحق يعد فعلاً غريب وهو يثبت أن عملية التأليف لدينا مازالت بعض مفاهيمها غائبة عن عقلية البعض من المؤلفين.
هؤلاء لا يعلمون أنه بعد أن يصدر منجزك ويقوم أي من القراء بشرائه ويدفع المال، ثم يعبر عن رأيه بكل صراحة على أي من مواقع التواصل الاجتماعي، لا يجب هنا أن تقوم قيامة المؤلف ويتحول من كاتب يتحدث عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، إلى إنسان قاس وعنيف ويمارس كل هذا الجنوح، فما السبب؟ هل هو كبرياء وغرور أم جهل بأبسط مقومات التأليف والكتابة؟ لعل المستقبل القريب يكشف لنا الكثير والكثير..