عدي بن بداء
((البَداء بن عاصم اللّخمي. روى أبو علي الكرَابيسي في كتاب القضاء من طريق عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: خرج البَدَّاء بن عاصم وتميم الداري مسافرَيْن. ومعهما رجل من بني سهم، فذكر الحديث في نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ...} [المائدة: 106] الآية. أخرجه عن معلى بن منصور. عن ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك. وقد أخرجه البُخَارِيُّ والتِّرْمِذِيُّ والطَّبَرانِيُّ وأبُو دَاودَ وغيرهم من طرق متعددة عن ابن أبي زائدة، فاتفقوا على أنه عدي بن بَدَّاء، ولم يقع عند أحد منهم البَداء بن عاصم؛ فلعله كان فيه عدي بن بدَّاء بن عاصم فسقط لفظ عديّ، والله أعلم.)) ((له ذكرٌ في قصة تَمِيمٍ الدَّارِيّ في نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106]؛ وقد تقدم ذلك في ترجمة بُدَيْل بن أبي مريم، وفيه قول تميم: يرى الناس منها غيري وغير عدي بن بَدَّاء، وكانا نصرانيين يختلفان بالتجارة. وأما عَدِيٌّ فقال ابن حبان: له صحبة. وأخرجه ابن منده، فأنكر عليه ذلك أبو نعيم، وقال: لا يعرف له إسلام. قال ابْنُ عَطِيَّةَ: لا يصح لعدي عندي صحبة. وقد وضعه بعضهم في الصحابة، ولا وَجْه لذكره عندي فيهم. وقَوّى ذلك ابن الأثير بأن السياق عند ابن إسحاق: فأمرهم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يستحلفوا عَدِيًّا بما يعظم على أهل دينه. قلت: وإنما أخرجته في هذا القسم، لقول ابن حبان؛ فقد يجوز أن يكونَ أطلع على أنه أسلم بعد ذلك، ثم وجدْتُ في تفسير مقاتل بعد أن ساق القصةَ بطولها: فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لتميم: "وَيْحكَ يَا تَمِيمُ، أسْلِمْ يَتَجَاوَزْ الله عَنْكَ"(*). فأسلم وحسَنُ إسلامه. ومات عدي بن بدّاء نصرانيًا. تنبيه: والذي عندي أن بَداء، بفتح الموحدة وتشديد الدال مقصور، وقيل ممدود. ورأيته بخط الخطيب في سياق القصة عن تفسير مقاتل عديّ بن بندا، بنون بين الموحدة والدال. والله أعلم.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أَخبرنا عبيد الله بن أَحمد بن علي وغير واحد بإِسنادهم إِلى أَبي عيسى الترمذي قال حدثنا الحسن بن أَحمد بن أَبي شُعَيْب الحَرَّانِي، حدثنا محمد بن سَلَمة الحَرَّانِي، حدثنا محمد بن إِسحاق، عن أَبي النضر، عن بَاذَان مولى أُم هَانِئٍ، عن ابن عباس، عن تَمِيم الدَّارِيِّ في هذه الآية: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ}، [المائدة: 106] قال: بَرِئَ الناس منها غَيْرِي وغيرَ عَدِيِّ بن بَدَّاءٍ، وكانا نصرانيين يختلفان إِلى الشام قبل الإِسلام، فأَتيا الشام لتجارتهما، وقَدِمَ عليهما مَوْلًى لبني سَهْم، يقال له: "بُدَيْل بن أَبي مَرْيم" بتجارة، ومعه جَامٌ من فِضَّة، فمرض وأَوصى إِليهما فمات ـ قال: فأَخذنا الجام فبعناه بأَلف دِرْهم، ثم اقتسمناه أَنا وَعدِيّ، فلما قدمنا إِلى أَهله دفعنا إِليهم ما كان معنا، ففقدوا الجام، فسأَلونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا ـ قال تميم: فلما أَسلمت بعد قدوم النبي صَلَّى الله عليه وسلم المدينة تأَثمت من ذلك فأَتيت أَهله فأَخبرتهم الخبر، وأَديت إِليهم خمسمائة درهم، وأَخبرتهم أَن عند صاحبي مثلها. فأَتوا به رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُمْ الْبَيِّنَةَ، فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُعَظَّمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِيْنِهِ، فَحَلَفَ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}... الآية. أَخرجه ابن منده وأَبو نُعَيم، وقال أَبو نُعَيم: لا يعرف لعَدِيٍّ إِسلام، وقد ذكره بعض المتأَخرين. قلت: والحق مع أَبي نُعَيم؛ فإِن الحديث فيه ما يدل على أَنه لم يسلم؛ فإِن تميمًا يقول في الحديث: "فأَمَرَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يُعَظَّمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِيْنِهِ"(*)، وهذا يدل على أَنه غير مسلم، والله أَعلم.)) أسد الغابة.