بقلم:د.كامل خالد الشامي
أستاذ جامعي وكاتب مستقل
جامعة غزة
كانت جدتي تشعل النار في يوم الجمعة من كل أسبوع وذلك لطرد الشياطين والحاسدين وتعتبر يوم الجمعة يوم نحس وكانت تلقي في النار بعض البخور وما كانت تسمية الفسوخ والفكوك فتصدر عن هذه المواد أصوات فرقعات وكأنها قنابل صغيرة ترتاح إليها, ثم كانت تختار منا من هو في نظرها شقي وتأمره بأن يمشي من علي كومة النار بعد أن تكون قد اقتربت من النهاية, معتقدة أن هذا هو العلاج لكي تبتعد عنا وعنها الشياطين.
توفيت جدتي ولم تقم أمي بممارسة هذه الطقوس وعندما كبرنا وأصبحنا أسرا مستقلة أصبحنا نعيش بدون هذه الطقوس أيضا, واعتقدت أننا نعيش من دون شياطين وان كل شيء علي ما يرام, ولكني اكتشفت فجأة إنني أعيش في مملكة شياطين آدمية, وهم أولئك الذين يجلسون علي الطرقات وعند أبواب المتاجر وفي أي مكان تتاح لهم فرصة الجلوس فيه, لايعملون ولا يفكرون في العمل , همهم الوحيد مراقبة الناس وشهادة الزور وتأليف القصص والإشاعات والروايات الكاذبة ويستخدمون الأطفال في جمع المعلومات عن الأسر والتلصص عليها وكتابة التقارير الكيدية التي تدخل الفرحة علي قلوب مستقبليها فتحرك إمكانياتها لتتبع تلك التقارير والبحث فيها عن الحقيقة ولكن من دون جدوى فما بني علي باطل فهو باطل.
حدثني أحد رجال القرية وهو رجل مسن ومريض ويعيل أسرة لا يعمل فيها فرد واحدا بأن شخصا ما ابلغ وكالة الغوث بأنة يعمل ولا يستحق الكوبون التي كان يحصل عليها مرة كل شهرين يعيل بها أسرته, أوقفت وكالة الغوث الكوبون وأصبح الرجل بلا شيء , وحاول إقناع الوكالة بعدم صحة التقرير الكيدي ولكن من دون جدوى.
هذه احدي جرائم هؤلاء المنحرفين والساقطين الذين يشعرون بالرضا عند إيذاء الآخرين وهؤلاء هم الشياطين الذين كانت جدتي تلاحقهم ببخورها وفكوكها وفسسوخها, لكنهم أصبحوا اليوم مدمنين علي الأذى ولم يعد ينفع معهم شيء.
وأنا أقترح أن يتم تجميع هؤلاء الخارجين عن عادات الشعب وتقاليده في معسكرات لإعادة تأهيلهم وتعريفهم علي العادات الحميدة وآداب الجلوس علي الطرقات وعدم إزعاج المارة
وتعليمهم بعض الحرف وإشراكهم في خدمة مجتمعهم بدلا من إلحاق الأذى بجيرانهم, فلا يجوز أن يعيش هؤلاء عالة علي المجتمع,ومن يخدم القوم هو سيدهم.