أنسجة العين

العين ....



بين الجمال والتخصص









.



تتكون العين من تراكيب وأنسجة متباينة من حيث طبيعة تكوينها، وبنيتها الأساسية، وأشكالها، ولكنها بمجموعها تشكل نظاماً متكاملاً على مستوى عالٍ من الدقة والإحكام بحيث إن كل وحدة أساسية مخلوقة ومهيأة لأداء واجبها على أحسن ما يكون يتمثل فيها قوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر:49].
وعند التأمل في هذه التراكيب ودراسة تفاصيلها أو التأمل فيها شكلاً وحجماً وتركيباً... حتى لكأنها تقول بلسان حالها (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [لقمان : 11].
أو كأنها تتحدى قائلة:من يستطيع أن يرسم لوحة أجمل مني ؟! ومن يستطيع أن ينشئ شيئاً أحكم مني ؟! ومن يستطيع أن يصنع صنعة أبدع من صنعتي ؟.

فإذا دققت النظر في كرة العين رأيت لمسة السحر والجمال في تناسق الشكل مع الألوان بين أجزائها ، فكل جزء يحمل خصوصية الجمال في تناسق ألوانها مع باقي أجزاء الوجه وهذه الخصوصية بارزة على كل وجه، فترى أن ذلك الوجه جميل بعينيه السوداوين، والآخر بعينيه الزرقاوين وهكذا.....
وتأمل معي أخي القارئ تراكيب أجزائها فإنك لاشك ستشاهد من الدقة والروعة والإحكام ما يدهش العقل ويبهر القلب ويثير الوجدان ، فطبقات العين الثلاث كل منها تتكون من تراكيب وأنسجة تتناسب تماماً مع وظائفها، فالخارجية منها تتكون من ألياف قوية متشابكة ومتناسقة حسبما تتطلب وظيفتها حيث إن القرنية_وهي الجزء الأمامي من هذه الطبقة_ ذات خمس طبقات محكمة التكوين ولها تحدب وشفافية بحيث يسمح للضوء بالدخول وبقوة ان**ار ثابتة ومعينة!! ولو حدث تغير ولو بسيط في أي من هذه الطبقات لكانت النتيجة تشوش الرؤية أو انعدامها!!.

والصلبة – وهي الجزء الخلفي من هذه الطبقة – ذات ثلاث طبقات مصممة بطريقة تختلف عما هي في القرنية على الرغم من تشابه الوحدات الأساسية وهي الألياف لتكون معتمة لا تسمح للضوء بالدخول، وكذلك قوية لتحافظ على الأنسجة الرقيقة الداخلة، ولتحافظ على شكل العين الكروي وعلى الضغط الداخلي للعين بالإضافة إلى تحمل شد العضلات التي ترتبط بها من الخارج .
والطبقة الوسطى – وهي طبقة وعائية دموية – تحتوي على شبكة من الأوعية الدموية مرتبة على شكل طبقات ذات تراكيب وأحجام وأنظمة مختلفة ، كل حسب الغاية التي خلق من أجلها وحسب الوظيفة التي يتحتم عليه القيام بها لكي تحافظ العين على وضعها الصحيح لأداء وظيفتها على أكمل وجه ، حيث تقوم بإيصال الدم والمواد الضرورية إلى أجزاء عديدة من العين بكل يسر وسهولة وبلا عناء أو جهد بل إنها لتشكل غطاءاً يحيط بالشبكية وكأنها حضن حنون يقوم بتوفير العناية والحماية فيحفظها من خطر التغيرات الحرارية الناتجة من تعرضها المباشر وبإستمرار للضوء القادم من الخارج حيث سرعان ما يغير من سرعة جريان الدم في أوعية ليحمي الشبكية الرقيقة من خطر الحرارة الزائدة التي ربما ينتج عنها تلف الشبكية جزئياً أو كلياً وبالتالي فقدان الرؤية ، بالإضافة إلى تزويد الشبكية بما تحتاجه من المواد الضرورية لها ولعملها، ناهيك عن أن هذه الطبقة وأوعيتها ذات تفريعات وتشابُكات مرتبة بأشكال وأنظمة لها جمال وروعة تثيران في النفس الإعجاب والدهشة عند التأمل والنظر إليها، وهذا لا يمكن رؤيته بالعين المجردة إلا من خلال الاستعانة بأحدث أجهزة التكبير الإلكترونية . وفي الجزء الأمامي من هذه الطبقة وهو ما يسمى " بالقزحية " ترى من حسن الإبداع وجمال الصورة وروعتها والبراعة في التكوين والدقة والتناسق في جلاله وتقدست أسماؤه سبحانه !! ... (َتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 14].

أما الطبقة الخارجية، وهي طبقة عصبية تسمى " الشبكية " فإنها تحتوي من التراكيب والخلايا ومن الفعاليات والأسرار ما يدهش العقول حقاً فعلى الرغم من الاكتشافات العلمية الهائلة لما يحدث في هذا النسيج الرقيق فإن العلم ما زال يعجز عن أن يقدم تفسيراً مقبولاً لكيفية تكوين الصورة وإرسالها إلى الدماغ لإدراك صور الأحداث والأشياء بكل تفاصيلها.
وبعد هذا وذاك ، انظر إلى حجم كرة العين فإنه لا شك محسوب بدقة عالية جداً ، فلو زاد حجم العين أو زاد طول أحد أقطارها فإن النتيجة تكو خللا في أنظمة العين الهندسية والنسيجية وبالتالي تشوش الرؤية ، وكذلك الحال عند نقصان أحد أقطارها أو حجمها . هذا بالإضافة إلى أن الحجم يتناسب مع حجم رأس الإنسان ومع الجسم كله تناسباً قويما وجميلاً ولو قدر أن تكون العين أكبر من حجمها الاعتيادي لوجب أن يكون محجر العين أكبر ، وهذا بالتالي يوجب أن يكون رأس الإنسان أكبر، مما يجعله غير متناسق مع جسم الإنسان ، وهكذا فإن في كل جزئية من جزئيات وتراكيب جسم الإنسان وأعضائه تتجسد معاني الآية الكريمة: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : 4]، وهذا الحسن والجمال يرددان على الدوام: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون : 14] .



أما شكل العين الكروي فلا يخفى على أحد لمسة الجمال فيه مع تناسقه وتناسبه ووظيفة العين التي تتطلب حرية الحركة إلى جميع الاتجاهات بتوازن وسهولة شديدة بحيث يستطيع الإنسان أن ينقل بصره من مكان إلى آخر بسرعة شديدة عندما يتطلب الأمر ، وتأمل لو كان شكل العين مكعباً أو اسطوانياً أو .... الخ .
أما نظام وتصميم عضلاتها وطريقة عملها لتحريك العين بجميع الاتجاهات وكذلك محاورها الهندسية الدقيقة ومراكز السيطرة والتحكم الدماغية فإنك لاشك تقف بإجلال أمام بديع صنع الله ، وعظيم خلقه !! حيث التوازن والتناسق والتعاون لكي تؤدي كل عضلة دورها على أكمل ما يمكن ، ولا شك أنك تشعر بالإجلال لهذا الخالق العظيم !! .

ليس هذا فحسب فإن الخالق جلّ وعلا أحاط هذا العضو – البالغ الأهمية لقيام الإنسان بدوره على أكمل وجه على هذه الأرض – بالعديد من وسائل الحماية والإدامة والدعم التي لولاها لما أمكن أن تحافظ على وظيفتها وعلى وضعها الصحيح وهذه تشمل ابتداءً محجر العين ثم الأجفان والملتحمة وما تحويانه من غدد وتراكيب ذات أهمية كبيرة ثم أجهزة إفراز وتفرغ الدمع وغيرها، وجميعها تعمل معاً للحفاظ على أجزاء العين الرقيقة والمعرضة للتلف بسهولة ، وتشير إلى الحفظ والعناية الربانية التي لولاها لعجز الإنسان عن تدبير هذا العضو أو جزء منه ، بل حتى خلية واحدة من خلايا جسمه الهائلة فسبحان الحفيظ جلّ شأنه.

اشكرك دنيا

موضوع رائع

بارك الله فيكِ

مشكوره موضوع جميل

بارك الله فيك

مشكورين على مروركم

بارك الله فيكم