الإهداءات
صفاءالقلب من حلم فلسطين : عند مشاهدتك للورود ينتابك إحساس جميل، كأنّه شخص يقول لك سأجعل الحياة جميلةً من أجلك.    


ابو حمزة انس بن مالك

قصص الانبياء والصحابه التابعين


إضافة رد
قديم 06-02-2020, 03:36 AM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
كبار حلم
 
الصورة الرمزية ابونضال

إحصائية العضو








 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
ابونضال غير متواجد حالياً

المنتدى : قصص الانبياء والصحابه التابعين
افتراضي ابو حمزة انس بن مالك





أبو حمزة أنس بن مالك

أنَسُ بنُ مَالِك بن النَضر الأنصاري الخزرجي النجاري البصريّ:
خادم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ كان يتسمَّى به ويفتخر بذلك، وهو أنيس. قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لأنس بن مالك: "يا أُنَيْسُ"(*)، رواه مسلم، وخاطبته به عائشةُ في حديث أخرجه البَيْهَقِيُّ في "فَضَائِلِ الأَوْقَاتِ" عن أنس. وهو ذو الأذَنين؛ مازحه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك فيما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس، قال: قال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: "يَا ذَا الأذنَيْنِ"(*).
سمّي باسم عمّه أنس بن النضر، وقال ابن الأثير عن اسم "أنيس": لم يكن يعرف بهذا، وإنما مازحه به النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وليس باسم له ولا لقب. وروى حمّاد بن زيد، عن موسى بن أنس قال: لئن لم نكن من الأزْد ما نحن من العرب؛ قال حمّاد: أي نحن من الأزد. وروى جابر، عن رجل عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كنّاه وهو غلام(*)، وكان يكنى: أبا حمزة، كناه النبي صَلَّى الله عليه وسلم ببقلة كان يجتنيها.
أمُّه أم سُليم بنتُ مِلْحَان بن خالد الأنصاريّة؛ وهي أمّ أخيه البَراء بن مالك، وروى أَبو التَّيَّاح، عن أنس بن مالك قال: كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يُخالطنا كثيرًا حتى كان يقولُ لأخٍ لي صَغِيرٍ: "يا أبا عُمَيْر، ما فَعَل النُّغَيْر؟" قال: وحَضَرَتِ الصلاةُ فَنَضَحنا بساطًا لنا فصلى عليه وصَفَّنا خَلفَهُ(*). وعن أنس بن مالك قال: كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يدخل علينا وكان لي أخٌ صغيرٌ وكانَ له نُغَرٌ يلعب به فمات نُغَرُهُ، فدخل النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ذات يوم فرآه حزينًا فقال: "ما شأن أَبي عُمَيْر حزينًا؟" قالوا: مات نُغَرُهُ الذي كان يلعب به يا رسولَ الله، قال: "أبا عُمَير، ما فعل النُّغَير؟ أبا عُمير، ما فعل النُّغَير؟"(*).
روى أنس أن أم سليم قالت: يا رسول الله، ادع الله لأنس فقال: "اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ"(*)، قال أنس: فإني لمن أكثر الأنصارِ مالًا وولدًا، وقال: فلقد دفنتُ من صُلْبي سوى ولد ولدي مائة وخمسة وعشرين، وإنَّ أرْضِي لتثمر في السنة مرتين، ويقال: إنه وُلِد لأنَس بن مالك مائة ولد، ويقال: ثمانون ولدًا منهم ثمانية وسبعون ذكرًا، والبنتان واحدة تسمَّى حَفْصة، والثّانية تُكْنَى أم عمرو.
وقال محمد بن عمر: وَلَدَ أنسُ بن مالك عبدَ الله؛ وأمُّه الفارعة بنت المثنى بن حارثة، وزيدًا، وعُبيدَ الله قُتِل يوم الحرّة؛ وأمهما كريمَةُ بنتُ وَعلة، ويحيىَ قُتل يوم الحَرَّة، وخالدًا، وموسى؛ وأمُّهم من أهل اليمن، والنّضرَ، وأبا بكر؛ وأمهما أم ولد، والعلاءَ؛ وأمُّه رملة بنت نُعَيم بن واقد، والبَراء، وأبا عُمير؛ وأمهما من بني يَشكر، وعُمَرَ؛ وأمّه عَمرةُ بنتُ الجارُود من عبد القيس، ورَمْلَة؛ وأمّها أم وَلدٍ، وأميمة؛ وأمها أم ولد، وأم حرام؛ وأمها أم ولد، فهؤلاء الذين أُحصوا لنا مِنْ ولد أنس بن مالك.
وكان أنس يَخْضِبُ بالصفْرة، وقيل: بالحناء، وقيل: بالورس. وقال حَمْزَةُ بنُ سَلمة: رأيتُ جاريةً لأنس بن مالك جاءت بدُهن وَوَرس فَذَافَته فمسحت لحيتَه ورأسَه حتى اصفرّ. وروى أبو الغُصْن أنه رأى أنس بن مالك أبيض اللحية يصبغ رأسه بالحناء، وكان يُخلق ذراعيه بِخَلوق للمعة بياض كانت به، وكانت له ذؤابة فأراد أن يجزَّها فنهته أمه، وقالت: كان النبي يمدها ويأخذ بها(*). وقال راشد بن مَعْبد الثَّقَفي: رأيت كُمَّ أنس بن مالك وسَعَةُ فَمِهِ عَظم الذِّرَاع. وقال سَلمة بن وَرْدَانَ: رأيتُ على أنسٍ عمامةً سوداء على غير قلنسوة قد أرخاها من خلفه. وقال أبو غياثٍ سالم: رأيت على أنسٍ جُبَّةَ خّزٍّ دَكْنَاء، ومطرفَ خَزٍّ له عَلمٌ. وروى عُبيد الله بن عَمْرو، عن عبد الكريم، قال: رأيت أنس بن مالك يطوفُ بالبيت وعليه مطرفُ خَزٍّ أصفر، قال عُبيد الله: حدثني عامر بن شُفَيّ، عن عبد الكريم قال: ذكرتُ ذلك لسعيد بن جُبَير فقال: أما إنّ السَّلفَ لو رَأوه لأوجعوه، وقال ابن عَوْنٍ: رأيتُ عَلَى أنس بن مالك جُبَّةَ خَزٍّ ومطرفًا وعِمامةً خَزٍّ. وروى محمد بن سِيرين أنه سَمِعَ أنس بن مالك يقول: إنا لَنَلْبس الخَزَّ وإنا لنعلَمُ ما فيه ولَودِدْنا أنه لم يُخلق. وقال عبّادُ بنُ أبي سُليمان: رأيت على أنس بن مالك قَلنسُوةً بيضاء، ورأيت على أنسٍ ثَوبَ يُمنَة. وقال راشد بن معبد: رأيت على أنس بن مالك جُبَّةً من فِرَاء يمانية ورأيته، يَعتَمّ على قُلَيْسِيَةٍ بيضاء فما يُدِيرها إلا مرتين ويَرْخيها من ورائه كثيرًا، فكان إذا ركب لبس سروايلَ وخُفَّين ومُوقَين، وكانوا يأخذون ثِيَابَه فيُجَمِّرُونَها حين يغسلونها.
وروى سعيد بن أبي عَرُوبَةَ عن قَتَادَة أنّ نَقشَ خَاتَمِ أنسٍ كان أسدًا بين رجُلين أو رجُل بين أَسَدَيْن ـــ شَكَّ سعيد ـــ وأما سعيدُ بنُ بَشِير فذكر عن قَتَادَةَ قال: كان في خاتم أنس لَبُؤَةً بين رجُلين. وروى الزُّهري أن أنس بن مالك نقش في خاتَمه محمد رسول الله قال: فكان إذا دَخَلَ الخلاءَ وَضَعَهُ.
وروى أبو غالب الباهليّ أنّه تَبع جنازة عبد الله بن عُمير اللّيثي، قال: فإذا رجلٌ على بُريذينه وعليه كساء أسود رقيق وعلى رأسه خِرْقة تقيه من الشمس وإذا قُطن قد وضعهما على مُوقي عينيه، قال: قلت مَن هذا الدهقان؟ ــ أي الرجل العظيم ــ قالوا: هذا أنس بن مالك، قال: فزحمتُ النّاس حتّى دنوتُ منه، فلمّا وُضِعت الجنازة قام أنس عند رأسه فصلّى عليه، فكبّر أربع تكبيرات لم يُطل ولم يُسرع.
وقال عِمران بن مسلم: رأيت على أنس بن مالك إزارًا أصفر، ورأيته واضعًا إحدى رجليه على الأخرى. وقالت أُم نَهار: كان والدي فيمن خرج مع ابن الأشعث فَسَيَّرنا الحجاجُ بن يوسف إلى قصر المُسيّرين، قالت أم نهار: وأنا يومئذٍ جاريةٌ شابّةٌ قالت: فكان أنس بن مالك يَمُرّ بنا كل جمعة فيسلم علينا وعليه قميصٌ أبيض ورداء أبيض وعمامةٌ سوداء وكُمَّةٌ لاطِئة مخضوبًا بصفرة تحته برذَون أشهب، فيدعو لنا بخير ثم ينصرف. وقال مُعتَمِرُ بن سليمان: قال لي أَبِي: رأيتُ على أنس مطرفًا أصفر من خزّ ما أعلم أني رأيت ثوبا قطُّ أحسن منه.
قال إسحاق بن عثمان: سألت موسى بن أنس: كم غزا أنس مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: ثماني غزوات، وقال ابن حجر: وإنما لم يذكروه في البدريين؛ لأنه لم يكن في سنّ مَنْ يقاتل. وقال محمد بن عبد اللّه الأنصاري، حدثني أبي، عن مولى لأنس بن مالك أنه قال لأنس: أشهدت بدرًا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: لا أم لك! وأين غبت عن بدر؟ قال محمد بن عبد اللّه: خرج أنس مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى بدر وهو غلام يخدمه.
قال ثابت البُنَانِيّ: شَكَا قَيِّمٌ لأنسِ بن مالكٍ في أرضه العَطَش قال: فَصَلّى أنس فدعا فثارت سحابةٌ حتى غَشيَت أرضَه حتى مَلَأَتْ صهرِيجَه، فأرسَل غلامَه فقال: انظر أين بلغَت هذه؟ فَنَظَر فإذا هِي لم تَعْدُ أرضَه. وقال ثُمَامَةَ: أمرَ لنا أبي بأصلِ كرم نحَوٍ من جَرِيب وقد قُطِفَ منه شيء كثير، قال: فقطَفنا منه نَحوًا من ثلاثمائة صاع وقد كان قُطِفَ منه شيء كثير، وكان كَرْمُ أنسٍ يَحمل في كل سنة مرتين.
وروى همّامُ بن يَحيى عن أنس بن سِيرِين قال: تلقّينا أنسَ بن مالك حين قَدِمَ من الشام فتلقيناه بعين التَّمرِ، فرأيتُه يُصَلي على حمار ووجهه إلى الجانب، وأومأ همام عن يسار القبلة فقلتُ له: رأيتُك تُصَلي لغير القبلة. فقال: لولا أني رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يفعَلُه لم أفعله(*).
وقال ثُمَامَةَ بن عبد الله بن أنس: كان أنس بن مالك يُصَلّي فيُطيلُ القيامَ حتى تَفَطَّر قدمَاه دَمًا. وروى ابن عَوْن، عن محمد قال: كان أنس بن مالك إذا صَلَّى فركع ثم رَفَعَ رأسَه أطال حتى نقول قد نَسِيَ. وقال أنس بن سِيرِين: كان أنس بن مالك أحسنَ الناس صلاةً؛ في السَّفَر والحَضَر. وقال ثَابِت البُنَانِيَّ: كان أنسُ بنُ مالك إذا قام يُصَلّي قام خَلفَهُ غلامٌ مَعَهُ مُصْحَف، فإذا تَعايَا في شيء فَتَحَ عليه.
وقال همام بن يحيى: حدّثني من صَحِبَ أنسَ بنَ مالك فلمّا أحرَم لم أقدِر أكلّمه حتى حَلّ، من شدة اتِّقاه على إحرامه. وقال الجُرَيري: أَحْرمَ أنس بن مالك مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ قال: فما سمعناه مُتَكَلِّمًا إلا بذكر الله حتى أَحَلَّ. وقال أبو غالب: لم أرَ أحدًا كان أضَنَّ بكلامه من أنس بن مالك، قال: فقال لي: يابن أخي هكذا الإِحرامُ. وروى عطاءٍ الواسطي، عن أنس بن مالك قال: لا يتقِي الله عبدٌ حتى يَخزُنَ من لسانه.
وقال صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: دخل علينا أنس بن مالك يومَ الجمعةِ والإمامُ يَخْطُبُ، ونحن في بعض أبيات أزواج النبي صَلَّى الله عليه وسلم، نتحدثُ، فقال: مَهْ، فلما أُقِيمتِ الصلاةُ قال: إني أخافُ أن أكون قد أَبْطَلْتُ جُمَعتي بقولي لكم مَهْ.
وقال ثابت البُنَانِيّ: كان أنس بن مالك إذا أشفى على خَتم القرآن من الليل أبقَى منه سُوَرًا حتى يُصبح فَيَخْتِمُه عندَ عياله، وفي رواية: كان أنس بن مالك إذَا خَتَم القرآنَ جَمَع وَلَدَهُ وأهلَ بيته فَدَعا لهم. وروى حُميد الطَّويل، عن أنس بن مالك أنه كان يصلي على حمارِه إذا انطلق إلى قصره تطوعا وإذا رجع من قصره يُومئ إيماءً. وروى ثُمَامةَ بن عبد الله، عن أنس بن مالك أنه قال لبنيه: يا بَنِيَّ قَيِّدُوا العلمَ بالِكتاب، وروى ثابت البُنَانِيّ أَنَّ بَنِي أَنَسٍ قالوا لِأَنَسٍ: يا أبانا، ألا تُحدِّثنَا كما تُحدِّث الغرباءَ؟ قال: أَيْ بَنِيَّ إِنَّه من يُكْثِر يَهْجُرْ. وقال ثابت البُنَانِيّ: كنا عند أنس بن مالك وَجماعة من أصحابه، فالتفَتَ إلينا وقال: والله لأنتم أحب إليّ من عِدَّتِكُم مِنْ وَلدِ أنس إلا أن يكونوا في الخير أمثالكم. وقال ثُمَامَةُ: حدّثني أنسُ بنُ مالك قال: إنّ ناسًا يَزعمون أن حُبَّ علي وعثمان لا يجتمعان في قلب رجل مؤمن، وقال مَرَّه: في قلبِ مسلمٍ، أَلا وإنهما قد اجتمعا في قلبي. وروى محمد، عن أنس بن مالك: أنه كان إذا كان صائمًا دعا الحجّامَ فَوَضَعَ المحاجم، فإذا غابت الشمس أَمَرَهُ فَشَرطَ. وروى المثنى بن سعيد الأزدي الذَّارِع ـــ وكان ذارعَ الحسَن هو ويزيد الرِّشْك ـــ قال: رأيت أنس بن مالك يأتي المسجدَ من الزاوية يُجَمِّعُ وهو على حِمَارٍ عليه رَحلٌ. وقال ثُمَامَةُ بن عبد الله بن أنس: كان لأنس ثوبان على المِشْجَبِ كل يوم، فإذا صلّى المغربَ لبسهُما فلم يُقْدَر عليه ما بين المغرب والعشاء قائما يُصَلّي.
وروى قيس الهَمْدَانيّ، أنه سمع أنس بن مالك يقول: أَمَرَنَا كُبَرَاؤُنا من أصحاب محمد صَلَّى الله عليه وسلم، أن لا نَسُبّ أمراءَنا ولا نَغُشَّهم ولا نَعصيهم، وأن نَتّقى الله ونصبر، فإن الأمرَ إلى قريب.
وروى ثابت البُنَانِيّ، عن أنس بن مالك قال: صحبتُ جَرِيرَ بنَ عبد الله فكان يخدمني، وهو أكبر من أنس، وقال جرير: إني رأيتُ الأنصارَ يَصْنَعون برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، شيئًا لا أرى أحدًا منهم إلا أكرمتهُ. وقالت جَمِيلة مولاةَ أنس: كان إذا قيل قد جاء ثابت البُنَانِيّ يقول أنس: يا جَميلَةُ هَاتِ لي طيبًا أمسَحُ به يدي فإنَّ ابنَ أُمّ ثابت إذا جاء لم يَرْضَ حتى يُقبّل يَدِي يقول: كفٌّ مَسَّتْ يَدَ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم. وروى ثابتُ أن أنس بن مالك دَفَع إلى أبي العالية الرّياحي تُفّاحةً فجعلها في كفه وَجَعَلَ يَشمّها ويُقبِّلُها ويَمْسَحُها بوَجهه، ثم قال: تفاحةٌ مسَّتها كفّ مَسَّت كفَّ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم.
وروى عُبيد الله بن أبي بكر، عن أنس بن مالك قال: استعملني أبو بكر على الصَّدَقَةِ فَقَدِمتُ وقَدْ مات أبو بكر، فقال عُمَرُ: يا أنس، أجِئتنا بظَهْرٍ؟ قال: قلتُ: نعم، قال: جِئنا بالظهر، والمالُ لك، قال: قلت: هو أكثر من ذاك، قال: وإن كان، هُوَ لَكَ، قال: فكان المالُ أربعةَ آلاف، وزاد في رواية: فكنتُ أكثرَ أهلِ المدينة مالًا. وقال يحيى بن عباد في حديثه: قال عمر: أجئتنا بظَهر؟ قال: قلتُ: البيعةُ ثم الخَبَر، فقال عمرُ: وُفِّقْتَ، قال: فبايَعتُه.
وروى قَتَادَةَ، عن أنس بن مالك قال: شَهِدتُ فتحَ تسترَ مع الأشعريِّ فلم يُصَلِّ صلاةَ الصبح حتى انتَصَفَ النهارُ، قال: وما يسرني بتأخِير الصلاة الدنيا وما فيها، وقال محمد بن سِيرِين: بُعِثَ إلى أنس بن مالك بشيء من الغنائم فَرَدَّهُ وقال: لا حتى يُقسَم، وروى محمد عن أنس، أنّ بعضَ الأمراءِ بَعَثَ إليه بمال فقال: أَخُمِّسَ؟ قالوا: لا، فلم يقبله.
وقال عيسى بن طَهْمان: أتينا أنسَ بن مالك فأطعَم القومَ خبزًا ولحمًا، وأتيناه مرة أخرى فأطعَم القومَ تُوتًا. قال عيسى: ولم آكل أنا معهم، وقال أنس: لا تجيئونا وأنتم صيام. وروى محمد بن عبد الله الأنصاري عن أَبِيه قال: كان أنس بن مالك لا يَتَغَذَّى حتى يَحضُرَ وَلَدُ وَلَدِه، قال: فجاء هشام بن زيد إلى أنس وفي يده سَوادٌ مِنَ الكُتّاب قال: فقال ثُمامَةُ بن عبد الله بن أنس: تجيئون وفي أيديكم سَوادٌ؟! قال: فَضَربَ أَنَس صَدرَ ثُمامةَ وقال: هم خَيرٌ منك وأطيب.
وروى محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أَبِيه أن أنسًا نَحلَ ابنَه عبدَ الله نحلًا، قال: فشقّ ذلك على إخوته. قال: فجاء عبدُ الله إلى أبيه فقال: لا حاجةَ لي في هذا لأنه قد شقّ على إخوتي. قال: فردَّهُ إليه. قال: وكان أكثر ولدِ أنس. وروى حمّاد بن زيد، عن ثابت وعبد العزيز بن صُهَيْب قالا: أكلنا على مائدة أنس بن مالك ما لا يُحصَى ما رأينا عنده نبيذًا قط؛ كُنّا نُؤْتَى باللَّبن، كُنّا نُؤْتَى بالعسل، ونُؤْتَى بالماء. وروى ابن عون، عن محمد قال: كان أنس بن مالك بِسَابُورَ فأتاه دِهقَان من الدهاقين بجامٍ ذهبٍ، أو مِنْ فضَّةٍ، فيها خَبِيص فأبَى أن يأكلَهُ. قالوا له: إن هذا فيهم عظيمٌ فقال لهم: حَوِّلُوهُ عَلَى شيء، فحوّلُوه على رغيف فأُتِىَ به فأكله.
وكان عمر أنس لما قدم النبي صَلَّى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا عشر سنين، وقيل: تسع سنين وقيل: ثماني سنين. وقيل: خدم النبي صَلَّى الله عليه وسلم عشر سنين، وقيل: خدمه ثمانيًا، وقيل: سبعًا.
وروى الزُّهْرِيّ أنه سَمِع أنس بن مالك: قَدِم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين سنة، وكُنَّ أمهاتي يَحْثُثْنَنِي على خِدمتِه، فَدخل دارَنا ذاتَ يوم فحلبنا له من شاةٍ لنا داجنٍ وشِيبَ بماء بئر في الدار، وأبو بكر عن شماله، وأعرابي عن يمينه، وعُمَرُ ناحِيَةً فشرِبَ رسولُ الله صََّلى الله عليه وسلم، فقال عمر له: أعطِ أبا بكر يا رسول الله فناوَلَهُ الأعرابيَّ وقال: "الأيمنَ فالأيمنَ"(*)، وروى أبان، عن أنس بن مالك قال: قَدِم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، المدينةَ وأنا ابن ثماني حِجَج، فلم يبق أهلُ بيتٍ من بيوت المدينة إلا أتحفوا رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، بتُحفَة غيرَ أمي، فأخذتْ بيدي حتى أتته فقالت: يا نَبيَّ الله، أتحفَك أهلُ المدينة أجمعون أكتعون إلا ما كانَ منّي، وهذا ابني خذه فليخدمك ما بدَا لك. فخدمتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، عشر حِجَج، ما ضربني ضَربةً قَطّ، ولا سَبَّني سَبَّةً ولا انتهرني انتهارةً قَطّ، ولا عبَس في وجهي ساعة قَطّ، وما قدمت وما أخرت وما قال لي: ألا استفعلتَ، ألا فعلتَ؟ ثم قال: "يا بُنَيَّ اكتُم سِرّي تكن مؤمنًا"، فكانت أمي تسألني عن سرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فما أخبرُها، وكان نساء النبي صَلَّى الله عليه وسلم يَسْأَلنَنِي عن سرّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فما أخبرهنّ، وما أنا بمخبر سرَّ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم، أحدًا أبدًا(*).
وروى المُثَنَّى بن سعيد الذَّراع، قال: سمعتُ أنسَ بن مالك يقول: ما من ليلة إلا وأنا أرى فيها حبيبي ثم يبكي. وروى ثابت، أن أبا هريرةَ قال: ما رأيتُ أحدًا أشبَه صلاةً برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من ابن أُم سُلَيم ـــ يعني: أنسَ بن مالك(*)، وكان عنده عُصَية لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فلما مات أمر أن تدفن معه، فدفنت معه بين جنبه وقميصه.
وروى مُعْتمرُ، عن أبيه: سمعت أنس بن مالك يقول: لم يَبْقَ أحد صلَّى القبلتين غيري. وقال سِنان بن ربيعة: سمعتُ أنسَ بنَ مالك يقول: ذَهَبَتْ بي أمي إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله خُويدمك ادع الله له. قال: "اللهمّ أَكْثِرْ مالَه وولَدَه وأَطِلْ عُمَره، واغفر ذَنْبَه". قال أنس: فقد دَفَنتُ من صُلبي مائة غير اثنين أو قال مائة واثنين وإن ثَمَرتي لتحمل في السنة مرتين، ولقد بقيتُ حتى سئمتُ الحياةَ وأنا أرجو الرابعة(*).
وقال سلاّم بن مسكين: سمعتُ ثابتًا البُنَانِيّ يحدّثنا في بيت الحسن بن أبي الحسنِ، والحسنُ شاهدٌ، فقال ثابت: حدّثنا أنس بن مالك أن الحجّاجَ بن يوسف لما قَدِمَ العراق أرسل إليه فقال: يا أبا حمزةَ، إنك قد صَحبتَ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورأيتَ من عَملِه وسيرتِه ومنهاجه، فهذا خاتمي فليَكن في يَدِك فَأَرْتَئِي برأيك فلا أعملُ شيئا إلا بأمرك، قال: فقال له أنس: أنا شيخٌ كبيرٌ وقد ضَعفت وَرَققتُ وليس فِيَّ اليومَ ذاك. قال: قد عَمِلتَ لفلان وعَمِلتَ لفلان! فما بَالي؟ قال: فانظر أحدَ بَنِيك ممن تثق بدينه وأمانته وعقله، فقال: ما في بَنِيَّ أحدٌ أثق لكَ بِه، قال: حتى كثُر الكلام بينهما.
وقال ثابت البُنانِيَّ: كنا مع أنس بن مالك يومَ الجمعة قال: فأخّر الحجّاجُ الصلاةَ، قال: فقام أنسٌ وهو يريد أن يُكلِّمَهُ فنهاه إِخوانُه ومن يُشْفِقُ عليه، قالوا: إنا نخافه عليك وعَلَى وَلدِك، قال: فما زالوا به حتى صَرفوهُ عن رأيه. قال: فخرج فركبَ دابّتَهُ وانطلق نحو الزاويةَ قال: فقال في مَسِيره ذاك: والله ما أعرف شيئًا مما كنا عليه على عهد النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلا شهادةَ أن لا إله إلا الله، فقال له رجلٌ: فالصلاة يا أبا حمزةَ، قال: قد صلّيتم الظهر عند المغرب أفَتِلكَ كانت صلاة رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم؟!
وقال علي بن زَيد بن جُدْعَان: كنتُ في دار الإمارةِ والحجّاجُ يعرضُ الناسَ أيام ابن الأشعث قال: فجاء أنس بن مالك فَدَخَلَ فلما دَنا منهُ قال له الحجّاجُ: يا خِبْثَهُ! جَوَّالٌ في الفتن، مَرَّةً مع علي بن أبي طالب، ومَرَّةً مع ابن الزبير، ومَرَّةً مع ابن الأشعث! والله لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كما تُسْتَأصَلُ الصَّمغَةُ، ولأُجَرِّدَنَّك كما يُجَرَّدُ الضَّبُّ قال: فقال أنس: مَن يَعني الأمير أصلحه الله؟ قال: إياك أعني، أَصَمَّ الله سَمْعَكَ. قال: فقال أنس: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال: وشُغِلَ الحجّاجُ عنه فخرج أنسٌ فَتَبعتُه فقلتُ: ما منعك أن تُجِيبَهُ؟ فقال: لولا أني ذكرتُ كثرةَ وَلدِي وخَشِيتُه عليهم بعدي لكلمته بكلام في مقامي، لا يستحييني بعده أبدا؛ قال محمد بن عمر: وقد فعل ذلك بغير واحد من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يُريدُ أن يُذلّهم بذلك، وقد مَضَتْ العِزَّةُ لهم بصحبةِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقد أَرسل الحجاج سنة أَربع وسبعين إِلى سهل بن سعد، رضي الله عنه، وقال له: ما منعك من نصر أَمير المؤمنين عثمان؟ قال: قد فعلته، قال: كذبت، ثم أَمر به فختم في عنقه، وختم أَيضًا في عنق أَنس بن مالك رضي الله عنه، حتى ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان فيه، وختم في يد جابر بن عبد اللّه؛ يريد إِذلالهم بذلك، وأَن يجتنبهم الناس، ولا يسمعوا منهم.
وقال أبان بن أبي عيّاش: لما بَنَى الحجاجُ واسطًا ووضعت الحربُ أوزارَها كتب إلى أنس بن مالك، فشخص وشخصنا معه فانتهينا إليه والناس معه حَيثُ يسمعون الصوتَ، فنادَى الحاجبُ أنس بن مالك فأمِرَ بنا فأُنزلنا ثم عُدنا إليه من الغد وهو على مثل الحال، فنادى الحاجبُ: أنسُ بن مالك. قال: فَدَنا حتى صار معه على فراشه، قال أبانُ: وقمتُ حيث أسمَعُ الكلامَ، قال: فدعا بالخيل على أنسابِها: القُرّحُ والثّنِيّ والرّبَع والجذع عليها الغلمانُ عليهم ثياب الحريرِ مختلفة ألوانُها، ثم قال: أيها الشيخُ ارفع رأسَك انظر ماذا أُعطِينا بعد نَبِيِّنا، هل رأيتَ مع محمدٍ نحو هذه الخيل؟ قال أنسٌ: وما هذه الخيل!، رأيتُ مع محمد صَلَّى الله عليه وسلم خيلًا غُدُوُّها ورواحَها في سبيل الله، إنما الخيل ثلاثةٌ: فما كان منها في سبيل الله ففيها من الأجرِ كذا وكذا حتى أروَاثها في موازين أهلِها، وما كان منها لِلْفِحْلَة فهي في سبيل الله، وشَرُّها وأخبثُها ما كانَ للفَخْر ولكذا ولكذا. قال: فقال الحجّاجُ: لقد عِبْتَ فما تركتَ شيئا، ولولا خِدمَتُك لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكتابُ أمير المؤمنين فيك كان لي ولك شأنٌ. قال: قال أنس: أيهاتَ أيهاتَ: إني لما غَلظَت أرنَبَتي وأنكر رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم صوتي، علّمني كلمات لن يَضُرني معهن عُتُوُّ جَبَّارٍ ولا عُنُوتُه مع تيسير الحوائج ولقاء المؤمنين بالمحبة. قال: فلما سَمِعَ ذلك الحجاجُ قال: يا عَمَّاهُ، لو عَلَّمْتَنِيهُنَّ؟ قال: لستَ لذلك بأهل، قال: فلما رأى أنه لاَ يظفر بالكلماتِ دَسَّ إليه ابنيه محمدًا وأبانَ ومعهما مائتي ألف درهم، وقال لهما: الطُفا بالشيخ عسى أن تظفرا بالكلمات، وإن أنفدْتُما فاسْتَهِمَا. قال: قال أَبانُ: فماتَ وماتا قبل أن يظفرا بالكلمات. قال: فلما كان قبل أن يهلك بثلاث قال: يا أُحَيمِرَ عبدِ القيس، خَدمتنا فأحسنتَ خِدْمَتنا، رأيناك أو رأيتُك حريصًا على طلب العلم دونك هذه الكلمات ولا تَضَع السِّلعَةَ إلّا في موضعها. قال: فذكر أبان ما أعطاه الله مما أعطاه أنسًا قال: مع ذهاب ما أذهبَهُ الله عني مما كنت أَجد. الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على أهلي ومالي، وبسم الله على كل شيء أعطاني، بسم الله خيرِ الأسماء، بسم الله ربِّ الأرض والسماءِ، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه داءٌ، بسم الله افتتحَتُ وعلى الله توكلتُ، الله الله ربي لا أشرك به أحدًا، أسألك اللهمّ بخَيرِك من خَيرِك الذي لا يُعطيه غيرُك، عزّ جارُك ـــ قال: وأخبرنا غيرُ واحد من الثقات أن فيها: وجل ثناؤُكَ ثم عاد إلى حديث أبي موسى عن أبان ــ ولا إله إلا أنت اجعلني في عِياذِك وجوارك من كل سوء، ومن الشيطان الرجيم، اللهمّ إنِّي أستجيرُك من جميع كل شيء خَلَقْتَ، وأحتَرِسُ بك منهن، وأُقدِّمُ بين يدَيّ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، [سورة الإخلاص] مِنْ أَمَامي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، يقرأ في هذه السِّت: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخر السورة.
وروى حُمَيد الطَّوِيل عن بعض آل أنس بن مالك: أن أنس بن مالك في العام الذي تُوفي فيه لم يَسْتَطِع الصومَ، فأطعَمَ ثلاثين مسكينًا خبزًا ولحمًا وزيادة جفنةً أو جفنتين، وروى قَتادةَ وثابتٍ، أَنَّ أنس بن مالك كبُر حتى لم يطق الصوم، فأطعم عن نفسه سنَتَين كل يوم مسكينًا.
قال محمّد بن عمر: روى أنس، عن أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود‏، وروى ثابت عن أنس بن مالك: أن رجلًا سأل النبي صَلَّى الله عليه وسلم، متى الساعةُ؟ قال: "وما أعدَدتَ للساعةِ؟" قال: لا، إلا أني أحِبُّ الله ورسولَه، قال: "فإنك مع مَن أحببتَ". قال أنس: فما فَرِحتُ بعد الإسلام بشيء ما فرحت بقول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنك مع من أحببتَ"(*). قال أنس: وأنا أحبَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعُمَرَ، فأنا أرجو أن أكون معهم لحُبي لهم، وإن كان عملي لا يبلُغ عملَهُم.
وروى سالم العَدَوِيّ عن أنس بن مالك قال: كنتُ أخدمُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكنتُ أدخُل عليه بغير إذن فجئتُ ذَاتَ يوم فدخلتُ عليه فقال: "يا بُنيَّ إنه قد حَدث أمرٌ فلا تَدخلْ عَلَيَّ إلا بإذن"(*)، وروى ثابت البُنَانِي وأبو عِمران الجَوْني، عن أنس بن مالك قال: بعثني رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم في حاجة فمررتُ بصبيان فجلستُ إليهم فأبطأتُ على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فخرجَ فرآني مع الصبيان فَسلّم علَيهم(*)، وروى الجعد بن عثمان عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال له: "يا بُنَيَّ"(*)، وقال عطاء بن أبي مَيْمُونَة: سمعتُ أنسًا يقول: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذا خَرج لحاجة أجيء أنا وغلامٌ منا بأدَاوَةٍ من ماء(*)، وقال ثُمامةَ بن عبد الله: قال أنس: رأيتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، يشربُ في القَدَح أكثر من مائة مرَّة(*). قال محمد بن عبد الله الأنصاري: يَعني هذا القَدَح الذي عندنا، ولم تَخْتلف في ذلك أشياخنا. قال محمد بن سعد: سألت محمد بن عبد الله الأنصاري عن هذا القدح أهُوَ قَدَحُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: أمّا قَدَحُه نفسه فلا، ولكنه قدح كان عند أم سُلَيم فكان النبي صَلَّى الله عليه وسلم إذا جاءها سَقَتْهُ فيه. قلتُ: فهو القَدَحُ الذي قال أنس: سقيتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم به من كل الشرابِ الماءِ والعسلِ والَّلبَن؟ فقال: نعم، وروى ثابت عن أنس بن مالك قال: لقد سقيتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم بِقَدَحِي هذا الشرابَ كُلَّه العسلَ والنبيذَ واللبنَ والماءَ(*).
وقال محمد: كان أنس إذا حَدّث عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: أو كما قال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو من المكثرين في الرواية عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، روى عنه ابن سيرين، وحميد الطويل، وثابت البُنَانيّ، وقتادة، والحسن البصري، والزهري، وخلق كثير.
وروى حُميد أن أنس بن مالك حَدَّث بحديث عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال له رجل: أنتَ سَمِعتَهُ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فَغَضِبَ غضبًا شديدًا وقال: لا والله ما كُلّ ما نحدثكم سمعناه من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولكن كان يحدث بعضنا بعضا ولا يتهم بعضنا بعضا.
وروى الطَّبَرَانِيُّ في "الأَوْسَطِ"، عن أبي هريرة: أخبرني أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم كان يشير في الصّلاة(*)، وقال: لا نعلم روى أبو هريرة عن أنس غير هذا الحديث.
وعن سلمة بن وَرْدان قال: سمعت أنس بن مالك يقول: "ارتقى النبي صَلَّى الله عليه وسلم على المنبر درجه فَقَالَ: "آمِينَ" فقيل له؛ علام أمَّنتَ يا رسول الله؟ فقال: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: رَغْمَ أَنْفِ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، قُلْ: آمِينَ"(*).
قال قَتَادَةُ: استَعملَ ابنُ الزبير أَنَسَ بنَ مالكٍ على البصرة قال: فأرسَلَ إلى مولاه أنسِ بن سِيرين فاستعمله على الأُبُلَّة. فقال أنس بن سِيرِين: أتريد أن تجعلني عاشرًا!؟ أتريد أن تجعلني عاشرًا!؟ فقال له: أَفَتَرْضَى بكتاب عُمَرَ بنِ الخطاب؟ فأخرَجَهُ فإذا فيه: أن يأخُذَ من تجار المسلمين من كل أربعين درهما درهما، ومن تجارِ أهل الذِّمَّةِ من كل عشرين درهما درهما، ومن تجار أهل الحرب من كل عشرة دراهم درهما.
ومات أنس ــ رضي الله عنه ــ سنة تسعين، وكان عمره مائة سنة إلا سنة، وقيل: مات سنة إحدى وتسعين، وقيل: مات بالبصرة سنة اثنتين وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك، وقيل: مات سنة ثلاث وتسع، وقال موسى السَّبَلاَنِيّ: أتيتُ أنسَ بن مالك فقلتُ: أنت آخر مَنْ بَقِيَ من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: قد بَقِيَ قومٌ مِنَ الأَعْراب، فأمَّا مِنْ أصحابِه، فأنا آخِرُ مَنْ بَقِيَ، وهو آخرُ مَن مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وروى النَّضْرُ بنُ أنس ـــ وأنس يومئذ حَيٌّ ـــ أن أنس قال: لولا أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "لا يتمَنَّين أحدُكم الموتَ" لتمنَّيتُه(*).
وروى هشام بن حسان عن محمد أنّ أنس بن مالك تُوفي ومحمد بن سِيرِين مَحْبُوسٌ في دَين عليه قال: وأوصَى أنسٌ أن يُغسّلَهُ محمد. قال: فكُلِّم له عُمر بن يَزيد فكلّم فيه حتى أُخرِجَ من السجن. قال: فغسله، وصلّى عليه في قصر أنسَ بالطّفّ، قال: ثم رجع محمد إلى السجن حتى عاد فيه. قال: فلم يزل محمد بن سِيرِين يَشكرُها لآل عمر بن يَزيد حتى مات. وقيل: إن محمد بن سِيرِين قال: كلِّموا المرأةَ: يَعني التي حُبِسَ لها. فكلَّموها فأخرجته فغسل أنسًا ثم رُدّ إلى الحَبْسِ.
وروى حُمَيد الطَّويل عن بعض أهل أنس: أنهم جعلوا في حَنوطه سُكًّا فيه مِسْك فيه شَعَرٌ من شَعَرِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وقال ثابت البُنَانيّ: قال لي أنس بن مالك: هذه شعرة من شعر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فضَعْها تحت لساني قال: فوضعتها تحت لسانه، فدفن وهي تحت لسانه.
قال ابن عبد البر: وأَصحُّ ما قيل في عمره ما روى حميد: أنّ أنَس بن مالك عُمِّر مائة سنة إلا سنة. قال أبو عمر: يقال إنه آخر مَنْ مات بالبَصْرة من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وما أعلم أحدًا مات بعده ممَّنْ رأى رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلا أبا الطّفيل عامر بن وائلة، وقال ابن الأثير: أما قول من قال مائة وعشر سنين ومائة وسبع سنين فعندي فيه نظر؛ لأنه أكثر ما قيل في عمره عند الهجرة عشر سنين، وأكثر ما قيل في وفاته سنة ثلاث وتسعين، فيكون له على هذا مائة سنة وثلاث سنين؛ وأما على قول من يقول إنه كان له في الهجرة سبع سنين أو ثمان سنين فينقص عن هذا نقصًا بينًا، والله أعلم.












عرض البوم صور ابونضال   رد مع اقتباس
قديم 06-02-2020, 11:40 PM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
 
الصورة الرمزية صفاءالقلب

إحصائية العضو






 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
صفاءالقلب غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : ابونضال المنتدى : قصص الانبياء والصحابه التابعين
افتراضي رد: ابو حمزة انس بن مالك

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه












عرض البوم صور صفاءالقلب   رد مع اقتباس
قديم 06-03-2020, 12:13 AM   المشاركة رقم: 3
معلومات العضو
اوفياء حلم
 
الصورة الرمزية البرنس

إحصائية العضو






 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
البرنس غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : ابونضال المنتدى : قصص الانبياء والصحابه التابعين
افتراضي رد: ابو حمزة انس بن مالك

مشكور اخي ابو نضال












عرض البوم صور البرنس   رد مع اقتباس
قديم 06-03-2020, 02:21 PM   المشاركة رقم: 4
معلومات العضو

اوفياءحلم

 
الصورة الرمزية بلسم جروحي

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
بلسم جروحي غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : ابونضال المنتدى : قصص الانبياء والصحابه التابعين
افتراضي رد: ابو حمزة انس بن مالك

يسلمو اخ ابو نضال
وجزاك كل خير. على متابعتك وطروحاتك
دمت بخير












عرض البوم صور بلسم جروحي   رد مع اقتباس
قديم 06-04-2020, 10:59 AM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو

  مديرة تنفيذيه

 

 
الصورة الرمزية ريمااس

إحصائية العضو






 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
ريمااس غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : ابونضال المنتدى : قصص الانبياء والصحابه التابعين
افتراضي رد: ابو حمزة انس بن مالك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



يسلموووا عم ابو نضال ع الطرح القيم والهادف



يعطيك الف عافية



بانتظار جديدك دائما







تحيتي












توقيع :


عرض البوم صور ريمااس   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. wsport
adv helm by : llssll